أوروبا
هل ستبدّد قمة الاتحاد الأوروبي والصين الخلافات بشأن حماية الاستثمار؟
في القمة المنعقدة ما بين الاتحاد الأوروبي والصين عبر تقنية الفيديو، يطمح الطرفان إلى محاولة لحل عدة خلافات بينهما والتحضير لاجتماع استثنائي يضم قادتهما كما تهدف إلى توقيع اتفاقية لحماية الاستثمار.
المسؤولون الأوروبيون أعربوا لبكين عن “قلقهم الكبير” حيال نفوذ بكين المتزايد في هونغ كونغ وقانون الأمن في هونغ كونغ على حد سواء خصوصا مع المساس بالحريات الأساسية. وقد طالب الاتحاد الأوروبي في وقت سابق بالإفراج عن عدد من المدافعين عن حقوق الإنسان. كما ندد بحملات التضليل التي قامت بها الصين بشأن وباء كوفيد-19.
وفي سياق متصل يبدي الصينيون، من جانبهم، قلقهم حيال التشريع الأوروبي الجديد بشأن الاستثمارات الأجنبية ونأي الاتحاد الأوروبي بنفسه منهم. وتطلب بكين التي تخوض نزاعا تجاريا وسياسيا مع واشنطن، الدعم لكن الأوروبيين يرفضون زج أنفسهم في التوتر بين القوتين.
وفي خضم ذلك كله تعمل الصين على حل مشكلة تجارية عالقة مع بروكسل بشأن دور الشركات الاستثمارية الصينية في المنطقة الاقتصادية بمحور قناة السويس في مصر، حيث تسعي الصين لتأسيس منطقة عمليات تستهدف أسواقا جيدة بينها السوق الأوروبية والأفريقية على حد سواء. وأعلنت الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس عن توقيع اتفاق مع مطور صناعي صيني لتأسيس 16 مصنعا في قطاع النسيج بشكل خاص.
المفوضية الأوروبية أطلقت من جهتها وفي وقت سابق إشارات تحذير للصين بسبب طموحاتها التجارية العالمية حيث تعتقد بروكسل أن الوجود الصيني من خلال المصانع التي أنشأها في الخارج يحقق منافسة غير متعادلة تؤثر بشكل مباشر على الشركات الأوروبية.
للمرة الأولى على الإطلاق ، فرضت بروكسل تعريفات على الشركات المملوكة للصينيين خارج الصين – في هذه الحالة يطال الأمر مصدّري منتجات الألياف الزجاجية التي تستعمل في العديد من الاستخدامات واسعة النطاق مثل شفرات تربينات الرياح والقوارب والشاحنات والمعدات الرياضية . وهكذا فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على ممارسات تجارية يرى أن الصين تستخدمها لتعزيز موطئ قدم في أسواق الاتحاد الأوروبي.
ومن المقرر أن يطبق الاتحاد الأوروبي رسوما جمركية بين 30 % و99.7 بالمئة، وهي أعلى معدلات تطبق على شركات مقرها الصين. كما كرت المفوضية الأوروبية، أن تلك الشركات تلقت قروضا تفضيلية وأراضي وكهرباء رخيصة بشكل مصطنع ومساعدات مختلفة وإعفاءات ضريبية.
وتقول أكاثا كراتز المديرة المساعدة في مجموعة في مجموعة روديوم غروب:
“هذه رسالة واضحة مفادها أن بروكسل تعي أن أن مثل هذه الأنواع من السلع المدعومة حتى لو لم تكن مدعومة من البلد الأصلي ولكن من قبل دولة ثالثة بشكل غير مباشر -من مصر في هذه الحالة- لن يُسمح بها في السوق الأوروبية” مضيفة” . لذا فهذه قضية حسّاسة جدا يجب ترجمة قراراتها على أرض الواقع ”
ورداً على ذلك، انتقدت الصين قرار الاتحاد الأوروبي قائلة إنه ينتهك قواعد منظمة التجارة العالمية. وأعلنت بكين أنه يجب حل الخلافات من خلال المفاوضات.
يكثف الاتحاد الأوروبي جهوده للحماية من السياسات التجارية الصينية التوسعية. كما يسعى الاتحاد الأوروبي لتشديد القواعد لمنع الشركات الأجنبية التي تحظى بدعم كبير من حكومات بلدانها، خصوصا الصينية، من استحواذ الشركات الأوروبية. وأفادت المفوضية الأوروبية أن فروع الشركات في الخارج التي تستفيد من تمويل حكوماتها تضع الشركات في أوروبا، حيث القواعد أكثر تشددا في ما يتعلق بمساعدة الدولة، في موقع أضعف.
وتقول مارغريت فيستاجر مفوضة الاتحاد الأوروبى لشؤون المنافسة:
“إن دور المفوضية هو دعم السوق الموحدة واتخاذ إجراءات عندما يشوه دعم دول ثالثة شركاءها المجال التنافسي الذي يعتمد على تكافؤ الفرص داخل اتحادنا.”
وفي أيار/مايو الماضي قالت المفوضية الأوروبية إنه يتعين على الدول الأوروبية شراء حصص في الشركات الأوروبية جراء تداعيات فيروس كورونا لمواجهة الأخطار الناجمة عن عمليات استحواذ من قبل الصين. وجاءت هذه الدعوة الأوروبية وسط مطالبات من بعض حكومات دول الاتحاد الأوروبي بحماية الاقتصاد الذي تضرر كثيرا بفعل تداعيات كوفيد 19 على الشركات والأعمال.
هذه المخاوف التي أبدتها بروكسل من قفز الصين على الشركات المترهلة والتي تعرف متاعب اقتصادية هي ليس وليدة الوقت الراهن. فالتعثر الاقتصادي الذي ضرب عمق بعض الدول الأوروبية والذي تجلت ملامحه في الانخفاضات الحادة في أسعر الأسهم في القارة الأوروبية ألقى بظلاله اليوم على هرولة المفوضية الأوروبية لإيجاد حلول لإنقاذ الشركات المتعثرة.
ويقول رولان روسمان وهو محام مختص في التحكيم التجاري:
“ما يهم اليوم هو معرفة ما هي تحديات الخطوة التالية؟ الخطوة التالية هي التأكد من أن تطبيق التدابير التي تم فرضها للتو على سبيل المثال سوف يكون فاعلا لأننا نعرف للأسف من خلال التجربة أن المنتجين الصينيين بشكل خاص مبدعون للغاية ومبتكرون في إيجاد الطرق للتحايل بغية تجنب تطبيق التدابير “.
لكن بعد سلسلة من إخفاقات الشركات الأوروبية التي اشترتها الصين ، قلصت الصين بشكل كبير من الاستثمارات المباشرة حيث بلغت الذروة عام 2016 بواقع 37 مليار يورو فقط لتصل إلى اثني عشر مليارًا العام الماضي. و استمر هذا الاتجاه حتى عام 2020 لكنه تفاقم فقط بسبب أزمة فيروس كورونا.
وتقول أكاثا كراتز المديرة المساعدة في مجموعة في مجموعة روديوم غروب”
“إن ما نراه هو في الواقع يعتبر انهيارا كاملا للاستثمار الصيني الخارجي بشكل عام ، وبالتأكيد في أوروبا أيضًا. نحن نرى القليل جدًا من ممارسات الاستحواذ من قبل الشركات الصينية والمستثمرين في بقية العالم وفي أوروبا على وجه الخصوص”.
وكانت قيمة التبادل التجاري بين الصين والاتحاد الأوروبي في 2019 بلغت 1,5 مليار يورو يوميا وفقا لأرقام المفوضية. وقال مسؤول أوروبي كبير الإثنين “ننتظر إشارة على أعلى مستوى تفيد برغبة الصين في زيادة طموحاتها خصوصا لحماية الاستثمارات”.