أوردت صحيفة لوموند الفرنسية تقريرا مفصلا الجمعة يتعلق بحقبة ثورة الجزائر ضد الاستعمار الفرنسي في الفترة ما بين 1956 و1962، حيث كشفت وثائق سرية فرنسية حصلت لوموند على نسخة منها، عن مخطط إبادة واعتقال فرنسي استهدف مواطنين فرنسيين وأوروبيين كانوا يساندون ثورة التحرير التي قادتها جبهة التحرير الوطني في الفترة مابين 1954 و1962.
وشمل المخطط بحسب تقرير الصحفية الذي ارتكز على ملفات سرية وكذلك كتاب “قاتلو الجمهورية” لمؤلفه فنسون نوزيل ومذكرات شخصية لجاك فوكارت، كاتم أسرار ورجل ثقة الجنرال ديغول، شمل سلسلة من الاغتيالات السرية. وكشف كاتب التقرير أنه في صيف العام 1958 وبسرية تامة داخل سلطة ديغول الذي عاد بقوة بعد الانقلاب العسكري الذي حدث في الجزائر العاصمة في 13 أيار/مايو، نسق جاك فوكارت استجابة لأوامر الجنرال ديغول مخطط عملياتي سري يقوم على أساس الصراع في الجزائر. وحمل هذا المخطط السري سلسلة من التهديدات والاعتداءات وهجمات تخريبية واغتيالات موجهة أوكلت لفريق العمليات في مصلحة التوثيق الخارجي وخدمة مكافحة التجسس Sdece التي أصبحت تعرف حاليا بالمديرية العامة للأمن الخارجي (DGSE).
وقدر قسطنطين ملنيك، مستشار رئيس الوزراء المكلف بشؤون المخابرات في الفترة ما بين 1959 إلى 1962، عدد الاغتيالات التي تمت بموجب هذا المخطط بـ 140 فقط في العام 1960 وحده، دون تقديم تفاصيل آخرى”.
واستشهد الصحفي بوثيقة مؤرخة في 5 آب/أغسطس 1958 بعنوان “ورقة تتعلق بأهداف حية” (مصطلح تقني يشير إلى الاغتيالات)، تضم تسعة أشخاص صنفوا في ثلاث فئات لتصفيتهم”.
وتمثلت الفئات الثلاث في فئة “الفرنسيين المؤيدين لجبهة التحرير الوطني” والتي حملت اسم جاك فافريل، الصحفي الفرنسي المقيم في الجزائر العاصمة، وفئة “المهربين” التي ضمت ستة أسماء لبائعي أسلحة ولكن أيضًا مقربين لجبهة التحرير الوطني، من بينهم شخص نمساوي وآخر ألماني وثالث فرنسي جزائري ينتمون إلى شبكة تهريب الجنود الهاربين الموقوفين، وأخيراً فئة “السياسة”.
وقال مصدر رفيع لكاتب التقرير في صحيفة لوموند “تمت الموافقة على هذه القائمة من قبل الأدميرال كابانييه. الذي كان يشغل منصب رئيس أركان الدفاع الوطني الملحق بالجنرال ديغول رئيس للمجلس”.
وبحسب الصحفي فإن “الدليل الوثائقي الوحيد المتوفر اليوم على الاغتيالات التي رعتها فرنسا يتعلق بشخص واحد فقط من الأشخاص التسعة المذكورين في هذه القائمة. ومصدر هذا الدليل المذكرات الشخصية لجاك فوكارت المؤرخة في 1 آب/أغسطس 1958. ويضيف الصحفي أن هذه الوثيقة اتبعت نفس مراحل العمليات الأخرى، بمعنى ملف عن الهدف حررته مصلحة التوثيق الخارجي وخدمة مكافحة التجسس Sdece ثم المصادقة من طرف السلطة. وتتعلق هذه الوثيقة بـويهلام شولز-ليسوم Wilhelm Schulz-Lesum، وهو شخص ألماني، تؤثر أفعاله بشدة على المصالح الفرنسية في الجزائر”.
كما سلط التقرير الضوء على وثيقة آخرى وردت في كتاب فنسون نوزيل على شكل جدول، حمل جميع عمليات الاغتيالات والاعتداءات التخريبية التي نُفذت منذ 1 كانون الثاني/يناير 1956 مع ذكر الهدف المراد تحقيقه من وراء كل عملية ومكانها والوسائل المستخدمة والنتيجة.
ومن بين 38 عملية تفصيلية وردت في الوثيقة، نجحت 17 عملية، وتم إلغاء 17 أخرى بتعليمات عليا أو بسبب عدم توفر الأمن والسرية، فيما وصفت أربع عمليات بالفاشلة.
هذا الملخص غير المؤرخ الذي طلب من مصلحة التوثيق الخارجي وخدمة مكافحة التجسس Sdece باعداده بلا شك في صيف العام 1958 من طرف جاك فوكارت بهدف الحصول على نظرة شاملة على نشاط فريق العمليات توقفت المعلومات الواردة فيه في آذار/مارس 1958. ولكنه ضم تسع عمليات على أنها قيد التحضير، بحسب ملاحظات الصحفي.
المصدر: يورونيوز