لا تزال الأحزاب السياسية الفرنسية، الجمعة، تسعى إلى كسر الجمود البرلماني الناجم عن الانتخابات المبكرة غير الحاسمة، في حين تعهد رئيس الوزراء المنتهية ولايته منع تشكيل حكومة تضم أعضاء من اليمين المتطرف أو اليسار الراديكالي.
وانبثقت من الانتخابات التي نُظمت دورتها الثانية، الأحد، ثلاث كتل: تحالف اليسار (190 إلى 195 مقعداً) والمعسكر الرئاسي الذي يمثل يمين الوسط (نحو 160 مقعداً) واليمين المتطرف (143 مقعداً) الذي حل ثالثاً مع تحقيقه اختراقاً تاريخياً، علماً أنه لا يمكن تشكيل حكومة من دون تأييد ما لا يقل عن 289 نائباً.
واصطف الناخبون من معسكرات مختلفة في الدورة الثانية ضمن «جبهة جمهورية» لمواجهة صعود حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، الأمر الذي جعله يحتل المركز الثالث.
ومع سيطرة كل من الكتل الثلاث على نحو ثلث المجلس، يعترف الزعماء السياسيون بأن تشكيل حكومة قادرة على النجاة من تصويت عدم الثقة سيستغرق وقتاً طويلاً، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».
ورفض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مطلب حزب «فرنسا الأبية» تكليفه تشكيل الحكومة المقبلة، في حين يبدو أنه يستبعد أي دور للحزب المذكور وهو لاعب كبير في التكتل اليساري «الجبهة الشعبية الوطنية»، أو حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، في أي ائتلاف حكومي جديد.
أتال ينأى بنفسه عن ماكرون
وكرر رئيس الوزراء غابرييل أتال، الجمعة، هذا الموقف، مؤكداً أنه سيسعى «لحماية الفرنسيين من أي حكومة تضم وزراء من (التجمع الوطني) أو (فرنسا الأبية)».
وفي وثيقة حصلت «وكالة الصحافة الفرنسية» على نسخة منها، تُلخص مسعاه لترؤس كتلة «النهضة» البرلمانية، أقر أتال بأن الكتلة «أفلتت بأعجوبة من الانقراض» في الانتخابات. وأكد أنه كزعيم للكتلة البرلمانية «سنراجع أساليبنا وتنظيمنا بالكامل».
وأتال هو المرشح الوحيد لرئاسة كتلة «النهضة» البرلمانية»، وأعرب عن أمله في «المساهمة في ظهور أغلبية فيما يتعلق بالمشاريع والأفكار» في البرلمان المقبل.
ومن المقرر أن ينتخب نواب «النهضة» زعيمهم الجديد، السبت. وقال أتال إنه إذا تم التصويت لصالحه، فإنه سيعيد تسمية التشكيل «معاً من أجل الجمهورية».
ولم تسمِّ الوثيقة ماكرون قَطّ، في حين وردت تقارير تفيد بأن أتال يسعى إلى النأي بنفسه عن ماكرون، ملقياً باللوم عليه في قراره حل الجمعية الوطنية والدعوة إلى انتخابات مبكرة.
وبموجب الدستور سيسمي ماكرون رئيس الوزراء المقبل ويكلفه تشكيل حكومة.
ويجب أن يكون المرشح قادراً على حشد الدعم الكافي لتخطي العقبة الأولى، وهي الحصول على الثقة عبر تصويت في الجمعية الوطنية.
ويرى مراقبون سياسيون أن هناك فرصة جيدة لبقاء الحكومة الحالية إلى ما بعد دورة الألعاب الأولمبية في باريس التي تبدأ في 26 من يوليو (تموز).
مزيد من الوقت
اعترفت «الجبهة الشعبية الوطنية» اليسارية، الجمعة، بأنها قد لا تتمكن من تقديم مرشح لتولي رئاسة الوزراء.
وقال منسق حزب فرنسا الأبية مانويل بومبار لقناة «تي إف 1»: «أفضل عدم تحديد موعد نهائي»، مضيفاً أنه «قد تكون هناك حاجة لمزيد من الوقت لإجراء مناقشات».
وأكدت زعيمة «الخضر» مارين تونديلييه أن المشكلة تكمن في أن «الجميع يزعمون أنهم المجموعة الكبرى»، الأمر الذي يظهر أن حجم التصويت ربما لم يكن «المعيار الأكثر أهمية».
وقال مصدر داخل الحزب الاشتراكي، رفض ذكر اسمه، إن تحالف القوى الليبرالية طرح أربعة أسماء، من بينها اسم الزعيم المثير للجدل جان لوك ميلانشون الاستفزازي والذي يتمتع بكاريزما، لكن ينفر منه البعض حتى في صفوف معسكره.
ويضغط الاشتراكيون من أجل اختيار رئيس حزبهم أوليفييه فور، الذي يقولون إنه سيكون مقبولاً كرئيس للوزراء لدى مجموعة واسعة من النواب من اليسار إلى يمين الوسط.
وقال مسؤول في الحزب الاشتراكي، رفض الكشف عن اسمه: «فور أو ميلانشون. هذا هو السؤال الحقيقي؟».
وهددت زعيمة حزب التجمع الوطني مارين لوبان بأن نواب حزبها سيرفضون أي حكومة تضم وزراء من حزب فرنسا الأبية أو الخضر.
وقال نائب رئيس الحزب سيباستيان شونو إنه لا يرى «حلاً مرضياً» للأزمة الحالية «باستثناء نوع من حكومة تكنوقراط دون انتماء سياسي».