أعلنت الحكومة البريطانية أنها ستبقي على مشروع قانونها، الذي تعدل فيه بعض بنود الخروج من الاتحاد الأوروبي، رافضة الإنذار الذي وجهته بروكسل والذي نادت فيه بضرورة تراجع بريطانيا عن تعديلات في التزامات بريطانيا بشأن بريكست.
ومنحت المفوضية الأوروبية الخميس مهلة زمنية تمتد حتى نهاية الشهر للمملكة المتحدة لسحب مشروع قانون يعيد النظر ببعض التزاماتها بشأن بريكست و”أضرّ بشدّة بالثقة” المتبادلة، مشيرة إلى أنّ الاتحاد الأوروبي “لن يتردد” في اللجوء إلى القضاء.
ويأتي هذا الإعلان بعيد اجتماع طارئ في لندن بين وزير الدولة البريطاني مايكل غوف ونائب رئيس المفوضية الأوروبية ماروس سفكوفيتش الذي دعا “الحكومة البريطانية إلى سحب إجراءاتها لمشروع القانون في أقرب الآجال وقبل نهاية الشهر في كل الأحوال”، وفق بيان صدر عن المفوضية.
وتنوي لندن إقرار مشروع قانون يناقض جزءا من الاتفاق، حول خروجها من الاتحاد الأوروبي في كانون الثاني/يناير وهو ينتهك باعترافها، القانون الدولي، إلا أن المفوضية الأوروبية تعارض ذلك بقوة، ودعت إلى اجتماع استثنائي للجنة المختلطة المكلفة الإشراف على تطبيق الاتفاق.
ووصل نائب رئيس المفوضية الأوروبية السلوفاكي ماروس سيسكوفيتش صباح الخميس إلى لندن، للقاء وزير الدولة البريطاني مايكل غوف. وقال قبل الاجتماع: ” أتيت للتعبير عن القلق الكبير للاتحاد الأوروبي، بشأن مشروع القانون” البريطاني.
وأوضح ناطق باسم السلطة التنفيذية الأوروبية إريك مامير في تغريدة، أن الاجتماع يهدف إلى الحصول على توضيحات من المملكة المتحدة حول التطبيق الكامل والشامل وفي الموعد المحدد لاتفاق الانسحاب.
ويأتي تصاعد التوتر هذا ليلقي بثقل جديد على جلسة جديدة من المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي، التي ينبغي أن تفضي في الأسابيع المقبلة إلى تحديد ترتيبات التعاون في المجال التجاري والأمني خصوصا بين الشركاء السابقين، في ختام مرحلة انتقالية تلت بريكست وتمتد حتى نهاية كانون الأول/ديسمبر.
وتراوح المفاوضات مكانها وتتعثر، خصوصا بشأن مسائل صيد السمك وشروط المنافسة العادلة، ويخشى ألا تفضي إلى اتفاق، وهو سيناريو ينذر بعواقب مدمرة على الاقتصاد.
والمهلة المتاحة قصيرة، إذ إن بروكسل تريد التوصل إلى اتفاق بحلول نهاية تشرين الأول/أكتوبر، للسماح بالمصادقة عليه في المهلة المناسبة. وحذر بوريس جونسون من جهته من أنه في غياب التوصل إلى تسوية، بحلول موعد القمة الأوروبية في 15 تشرين الأول/أكتوبر، فهو لن يسعى إلى التوصل إلى اتفاق بعد ذلك.
ملاحقة قضائية محتملة
قال رئيس الوزراء الإيرلندي مايكل مارتن في مقابلة نشرتها صحيفة “فايننشال تايمز” الخميس: “اعتقد أن الحكومة البريطانية يجب أن تتحرك لإعادة الثقة وطمأنة المفاوضين الأوروبيين بشكل كبير. زملاؤنا في أوروبا ولا سيما أولئك الذين يجرون المفاوضات يتساءلون، ما إذا كان ثمة إرادة فعلية لابرام اتفاق، وهذه مشكلة خطرة”.
وفي حال واصلت بريطانيا هذا النهج، فهي تعرض نفسها لتحرك من قبل الاتحاد الأوروبي، قد يقودها إلى المثول أمام محكمة العدل الأوروبية، على ما جاء في وثيقة عمل لسفراء الاتحاد الأوروبي، اطلعت عليها وكالة فرانس برس.
ويريد مشروع القانون البريطاني حول السوق الداخلية الرجوع، “بطريقة محددة جدا” بحسب لندن، عن بروتوكول بشأن إيرلندا الشمالية، يحدد النظام الجمركي في هذه المقاطعة البريطانية.
ويهدف هذا النص إلى ضمان غياب الحدود الفعلية بين إيرلندا الشمالية وجمهورية إيرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي، وتجنب عودة التوتر في هذه المنطقة، التي أدمتها “اضطرابات” مدة ثلاثة عقود، قبل التوصل إلى اتفاق سلام العام 1998، عرف ب”اتفاق الجمعة العظيمة”.
لكن يخشى من عودة التوتر في حال اعتماد عمليات التدقيق الجمركي مجددا. وقال بوريس جونسون أمام النواب الأربعاء: “نريد بذلك حماية بلادنا من تفسير متطرف أو غير عقلاني للبروتوكول، قد يؤدي إلى حدود في بحر إيرلندا بطريقة، ستلحق الضرر بنظري باتفاق الجمعة العظيمة وللسلام في بلدنا”.
الاتفاق مع واشنطن على المحك
وأثار القرار البريطاني وابلا من الانتقادات حتى في صفوف المحافظين في البلاد، ورؤساء حكومات سابقين مثل تيريزا ماي وجون ميجور، الذي رأى أنه في حال خسرت بريطانيا سمعتها في الإيفاء بوعودها، فإنها ستخسر شيئا لا يقدر بثمن، ولن تتمكن من استعادته أبدا على الأرجح.
وقد تعطل هذه المناورة كذلك مفاوضات بريطانيا مع دول أخرى، ولا سيما الولايات المتحدة التي تريد التوصل معها إلى اتفاق تبادل حر طموح، قبل نهاية السنة.
وحذرت رئيسة مجلس النواب الأميركي الديمقراطية نانسي بيلوسي بلهجة حازمة، أنه لن تكون هناك أي فرصة لتمرير اتفاق تجاري بين بريطانيا والولايات المتحدة في الكونغرس، في حال انتهكت بريطانيا هذا الاتفاق الدولي، وقوض بريكست اتفاق الجمعة العظيمة.
المصدر: يورونيوز