أخبارأوكرانياروسيا

روسيا وأوكرانيا: هل وقعت حرية الإعلام والموضوعية ضحية للحرب؟

على وقع المعارك الدامية التي تجري في أوكرانيا بين القوات الروسية والأوكرانية والتي تسيل فيها الدماء وتدمر القرى والبلدات ويشرد الآلاف، تجري معركة أخرى ليست أقل شراسة ويسقط فيها ضحايا ولو أنهم من غير البشر، إنها الحرب الإعلامية والضحية هي الحقيقة والموضوعية.

فبعد انطلاق جحافل الجيش الروسي نحو الأراضي الأوكرانية فرضت روسيا والدول الغربية المزيد من القيود على العديد من وسائل الإعلام ووصل الأمر إلى حجب ومنع العديد منها بهدف التحكم بالرواية حيث يريد كل طرف أن يكون الوحيد الذي يتناول ما يجري على أرض المعركة وتقديم الحجج والمبررات التي يرى أنها ضرورية لكسب تعاطف الرأي العام ووقوفه إلى جانبه.

في الثاني من الشهر الجاري أصدر الاتحاد الأوروبي قراراً حظر بموجبه قناة “روسيا اليوم” و “سبوتنيك” الروسيتين ومنعهما من البث في دول الإتحاد وأغلق مكاتب القناتين بحجة نشرهما معلومات مضللة.

لم تكتف أوروبا بذلك بل تم حجب موقعي القناتين على الإنترنت ولم يعد بمقدور المواطن الأوروبي معرفة ما يجري في أوكرانيا من منظور روسيا.

ووصل الأمر مؤخرا بأوروبا إلى الطلب من غوغل حجب اسمي الوسيلتين الإعلاميتين تماما بحيث لا تظهران حتى لدى البحث في محرك البحث غوغل.

كما قالت كل من منصات التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر ويوتيوب وتيك توك إنها لن تسمح لوسائل الإعلام الروسية الرسمية بنشر موادها أو منشوراتها على صفحاتها في القارة الأوروبية بطلب من الاتحاد الأوروبي.

كما طالب الاتحاد الأوروبي هذه المؤسسات بمنع منشورات ومواد من يعمل لصالح روسيا اليوم وسبوتنيك ويروج لهما أو يعيد نشر موادهما من الظهور في كل منصات وسائل التواصل الإجتماعي.

في ظل هذه الظروف بات المواطن الأوروبي يسمع ويشاهد ويقرأ ما تقوله وسائل إعلام هذه الدول عن الحرب في أوكرانيا ويطلع على مواقف الحكومات الغربية من الأزمة الأوكرانية بينما تغيب تماما الرواية الروسية وموقف القيادة الروسية عن وسائل الإعلام الغربية.

اما في روسيا فلم تعد هناك وسائل إعلام يمكن أن تصنف في خانة الإعلام المستقل أو المحايد عند تناول حرب أوكرانيا بل تم إغلاقها بقرار من السلطات أو قررت التوقف عن العمل من تلقاء نفسها بعد أن شعرت أنها لم تعد قادرة على العمل بحرية في ظل الرقابة والقيود الحكومية الشديدة.

لم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل إن المواطن الروسي قد يواجه السجن لمدة 15 سنة فقط لنشره مادة او منشوراً يخالف الرواية الرسمية لما يجري في أوكرانيا.

إن من يصف ما يجري في أوكرانيا بانها “حرب” بدلا من وصف “العملية الخاصة” حسب الرواية الحكومية يواجه خطر السجن لمدة 15 عاما.

ويصف بعض المراقبين أجواء الرقابة على الإعلام في روسيا هذه الأيام بأنها تتجاوز الرقابة التي كانت سائدة خلال المرحلة السوفيتية وأنها أشبه بأجواء المرحلة الستالينية.

الدمار في خاركيفر

الدمار في خاركيف

الإعلام الروسي لا يصف ما يجري في أوكرانيا بأنه حرب

وسيلة الاعلام المستقلة الوحيدة التي لا تزال تعمل في روسيا هي صحيفة “نوفايا غازيتا” التي فاز رئيس تحريرها ديميتري موراتوف العام الماضي بجائزة نوبل للسلام.

بغية البقاء على قيد الحياة وتجاوز حكم الموت عليها قررت الصحيفة عدم التطرق لما يجري في أوكرانيا وأزالت من موقعها على الإنترنت كل المواد التي تتناول الحرب في أوكرانيا مع الاستمرار في تغطية تداعيات الحرب وعواقبها على المواطن الروسي.

وقال موراتوف: “إن الرقابة العسكرية على الإعلام في روسيا انتقلت إلى مرحلة جديدة: من مرحلة التهديد بإغلاق وسائل الإعلام إلى الملاحقة الجنائية للصحفيين أو المواطنين الذين ينشرون معلومات عن الاشتباكات العسكرية التي تجري في أوكرانيا لا تتوافق مع بيانات وزارة الدفاع الروسية”.

وبعد صدور القرارات الأخيرة التي قيدت الحريات الإعلامية بشدة إلى جانب تقييد الوصول إلى منصات مثل فيسبوك وتويتر وغيرها في روسيا بات من الصعوبة بمكان سماع ما يناقض الرواية الرسمية عما يجري في أوكرانيا، كما أنه في ظل التحكم والرقابة الشديدة على وسائل الإعلام غابت تماما الرواية التي تناقض رواية الكرملين عن المشهد الإعلامي في روسيا التي تسيطر عليها بروبوغاندا الحرب التي يديرها الكرملين.

المصدر : BBC NEWS

إغلاق