في مستهل الجلسة، أشارت السيدة روزماري ديكارلو، وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية وبناء السلام، إلى عدم وجود أي بوادر لانحسار هذا الصراع المروع.
“لقد نفدت منا الكلمات لوصف عبثية ووحشية هذه الحرب” قالت ديكارلو مشيرة إلى أن أوكرانيا تعاني اليوم من أكبر أزمة نزوح بشرية في العالم.
وأضافت تقول: “منذ بداية الغزو الروسي، أجبر أكثر من ربع سكان البلاد – 12 مليون شخص – على ترك منازلهم. داخل أوكرانيا، لا يزال أكثر من 7.1 مليون شخص نازحين بسبب الحرب. وتقدّر مفوضية اللاجئين وجود أكثر من 5.2 مليون لاجئ في جميع أنحاء أوروبا.”
هذا وقد تم تسجيل أكثر من 3.5 مليون لاجئ من أوكرانيا للحصول على الحماية المؤقتة أو برامج الحماية الوطنية المماثلة في أوروبا.
دعوة إلى التحقيق في استهداف مركز تجاري
تأتي الجلسة في أعقاب الضربة الصاروخية على مركز تسوق في كريمنشوك، في منطقة بولتافا الوسطى يوم أمس.
وقالت ديكارلو إن المئات من الأشخاص، وربما بعضهم كان يحاول الحصول على فترة راحة من أهوال الحرب اليومية، تعرّضوا لواحدة من أكثر الهجمات إثارة للصدمة في الصراع، عندما أصيب مركز تجاري بصواريخ روسية حسب ما ورد.
وأضافت قائلة: “بحسب ما ورد، قُتل 18 مدنيا وأصيب 59 شخصا بجراح، وقد تكون الحصيلة النهائية أعلى من ذلك بكثير.”
ودعت إلى التحقيق في هذا الحادث: “كان هذا الحدث، الذي يجب التحقيق فيه، هو الأحدث في موجة جديدة من الضربات الجوية والهجمات الصاروخية في كييف، تشيرنيهيف، أوديسا، ميكولايف، خاركيف ومدن أخرى بعيدة عن الخطوط الأمامية، حيث قُتل أو أصيب العديد من المدنيين بجراح.”
وفي الوقت الحالي، يدور القتال الأشد داخل وفي محيط مدن سيفيرودونتسك، وليسيتشانسك، وسلوفيانسك، في دونباس. كما وردت أنباء عن معارك عنيفة حول مدينتي خاركيف وخيرسون.
“في المشاهد التي تذكرنا بالحروب العالمية، تدمر مبارزات المدفعية واسعة النطاق مناطق صناعية، حيث يُجبر آلاف المدنيين على الاختباء في الأقبية أو الهرب للنجاة بحياتهم. وأبلغ الجانبان عن خسائر عسكرية كبيرة.”
خسائر في صفوف المدنيين
حتى تاريخ 26 حزيران/يونيو، وثقت مفوضية حقوق الإنسان سقوط 10,631 من المدنيين في البلاد: 4,731 قتلى و5,900 جرحى. وقد تكون الأرقام الحقيقية أعلى من ذلك بكثير.
سقط معظم الضحايا المدنيين الذين تم تسجيلهم نتيجة استخدام أسلحة متفجرة ذات الأثر الواسع. العديد من هذه الأسلحة عشوائية بطبيعتها عند استخدامها في مناطق مأهولة بالسكان، وبالتالي فإنها تؤدي إلى زيادة الخسائر في صفوف المدنيين وآثار إنسانية مدمرة، وفقا للمسؤولة الأممية.
في هذه الأثناء، اختتمت لجنة التحقيق الخاصة بأوكرانيا في وقت سابق من هذا الشهر مهمتها الأولى إلى البلاد، بما في ذلك زيارات إلى بوتشا وإيربين وخاركيف وسومي.
وأشارت ديكارلو إلى أنه على الرغم من أن اللجنة لم تكن إلا في المراحل الأولى من عملها، فقد زارت مواقع وتلقت معلومات “قد تدعم الادعاءات بارتكاب انتهاكات جسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، ربما تصل إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية”، حسب ما اقتبست ديكارلو من تقريراللجنة.
وأوضحت ديكارلو للمجلس أن عمل لجنة التحقيق والمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية وجهود تقصي الحقائق الأخرى ضرورية لتحديد المساءلة عن الجرائم والفظائع التي ارتُكبت خلال هذه الحرب.
ودعت إلى أن يؤدي هذا العمل إلى العدالة: “هذا أمر حتمي لشعب أوكرانيا. كما أنه أمر بالغ الأهمية إذا كنا نأمل في أن نكون قادرين على منع مثل هذه الانتهاكات في المستقبل أينما كانت تهدد بوقوعها.”
المساعدات الإنسانية
منذ 24 شباط/فبراير، حصل أكثر من 8.8 مليون شخص في أنحاء أوكرانيا على نوع من المساعدات الإنسانية وخدمات الحماية. ما لا يقل عن 16 مليون شخص بحاجة إلى مثل هذه المساعدات.
وتتزايد الاحتياجات خاصة قبل فصل الشتاء، إذ يعمل الشركاء في المجال الإنساني على خطة مساعدة للاستعداد لفصل الشتاء ومراجعة النداء العاجل، الذي يمتد حتى آب/أغسطس، لتغطية الاحتياجات حتى نهاية عام 2022.
وقالت ديكارلو: “تواجه النساء على وجه الخصوص مشقة هائلة عندما يتعلق الأمر بالصحة والسلامة والحصول على الغذاء.”
وتعرقل الظروف المحفوفة بالمخاطر جهود الشركاء في المجال الإنساني للوصول إلى المدنيين. وتلقي إحدى الإحصائيات الضوء على هذا الشاغل: منذ 24 شباط/فبراير، سجلت منظمة الصحة العالمية 323 هجمة على مرافق الرعاية الصحية، والعاملين فيها، مما أدى إلى 76 وفاة.
وتابعت تقول: “نذكّر بقوة جميع الأطراف بالتزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني: يجب اتخاذ جميع التدابير المناسبة لحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية.”
كما أشارت إلى أنه نظرا لطبيعة النزاع الذي طال أمده بشكل متزايد، لا يجب تجاهل احتياجات التعافي وإعادة البناء طويلة الأجل في أوكرانيا.
تداعيات الحرب على العالم
لفتت ديكارلو الانتباه إلى أن للحرب عواقب وخيمة ليس فقط على البلد والمنطقة المجاورة، ولكن خارج حدود أوكرانيا أيضا. كما أشار الأمين العام للأمم المتحدة في 8 حزيران/يونيو أثناء إطلاق الموجز الثاني لفريق الأمم المتحدة المعني بالاستجابة للأزمات العالمية بشأن الغذاء والطاقة والتمويل، تؤدي الحرب إلى تفاقم أزمة غلاء معيشة هو الأكبر منذ جيل.
وتتصاعد صدمات الأسعار في أسواق الغذاء والطاقة والأسمدة العالمية – في عالم يتصارع بالفعل مع جائحة كـوفيد-19 وتغير المناخ.
ودعت في ختام كلمتها إلى وقف دوامة الموت والدمار والتشريد والاضطراب، “من أجل أوكرانيا وروسيا والعالم بأسره.”
الرئيس زيلينسكي يطالب بتعريف قانوني لإرهاب الدولة
وعبر تقنية الفيديو، تحدث الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، عن الأوضاع في بلاده، وتحدث عن القذائف الروسية التي أصابت المدن الأوكرانية ورياض الأطفال والمراكز التجارية.
وأشار إلى أن الأمم المتحدة ليس لديها تعريف قانوني لمصطلح “دولة إرهابية” التي من المفترض أن كل الدول الأعضاء قد اتفقت عليه، وهو أمر تجسده روسيا على حدّ تعبيره، لافتا الانتباه إلى الضرورة الملحة لتكريس هذا المصطلح بشكل قانوني لكي نعاقب أي دولة إرهابية.
وأوضح أنه تقريبا بشكل يومي تستهدف الضربات الروسية مدينة خاركيف: “فقط يوم أمس، قُتل تسعة أشخاص، وأصيب 29 بجراح، خمسة منهم أطفال.”
كما تحدث عن ضربات استهدفت مدينة ميكولايف، وقتلت عددا من الأشخاص من بينهم طفل عمره ثلاثة أشهر.
وتساءل قائلا: “لدي سؤال لكم سيداتي وسادتي، من منكم لا يتفق على أن هذا الأمر إرهاب؟ إذا قتلت أي منظمة في أي جزء من العالم، مثلما تقتل روسيا الأوكرانيين، أي مدنيين، فسيتم الاعتراف بذلك والتأكيد على أنه إرهاب. مثل هذه المنظمة ستصبح عدوة للبشرية جمعاء. لذلك، فإن ما يُعاقب عليه على مستوى مجرمين معينين وتنظيمات إجرامية، لا ينبغي أن يفلت من المساءلة على مستوى دولة أصبحت إرهابية.”
مطالبة بحرمان روسيا من امتيازاتها
وأضاف الرئيس الأوكراني أن المادة السادسة من الفصل الثاني من ميثاق الأمم المتحدة تنص بوضوح على أن أي دولة عضو تنتهك المبادئ باستمرار يمكن طردها من المنظمة من قبل الجمعية العامة بناء على توصية مجلس الأمن.
وقال: “على الرغم من أن روسيا تنتهك المبادئ الأساسية للأمم المتحدة والنظام القانوني الدولي، إلا أنه لا يتم ملاحقتها على الصعيد العالمي، ولا تزال داخل الأمم المتحدة وحتى أنها تتمتع بامتيازات المقعد الذي تشغله، المقعد الدائم في مجلس الأمن الذي تشغله روسيا وحدها بسبب قصر نظر السياسيين في نهاية الحرب الباردة.”
وحث أعضاء مجلس الأمن على أن تحرم روسيا من قوتها في الأمم المتحدة. “من الضروري حرمان الوفد الروسي من فرصة التلاعب بالأمم المتحدة. ومن الضروري جعل الأمر مستحيلا على روسيا لأن تظل في مجلس الأمن.. ومن الضروري إنشاء محكمة للتحقيق في كل ما فعله الجيش الروسي ضد الأوكرانيين.”
ووقف في ختام كلمته دقيقة صمت على أرواح الضحايا.
روسيا: استهدفنا معملا فيه أسلحة أوروبية وأميركية
استهل نائب المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة، السفير دميتري بوليانسكي، كلمته بتسجيل اعتراض على مشاركة الرئيس الأوكراني في الجلسة، مشيرا إلى أنه لم يتم التشاور بهذا الخصوص مع سائر أعضاء المجلس، وهو ما وضع الأعضاء أمام الأمر الواقع على حد تعبيره، وانتهك الممارسات المتبعة والتقاليد التي دأب عليها مجلس الأمن.
وحول ما يجري من أحداث، نفى المسؤول الروسي الكثير من التقارير الواردة، وقال: “بحسب الدعاية الكاذبة الأوكرانية، فإن جنودنا نهبوا واغتصبوا وروّعوا وكانوا وحشيّين. ونحن نعرف كيف يقدّم الأمر ممثلو كييف، ويشيرون حتى إلى أن الجنود يسرقون البلاط في المراحيض لأنه ليس لدينا مثله – هم يسخّفون الأمور ويستخفون بالناس.”
وأوضح أن ثمة المزيد من الشهادات على مواقع التواصل الاجتماعي لأشخاص يتهمون الجنود الأوكرانيين بأعمال عنف وجرائم حرب ونهب وتعذيب وسرقة وقصف وإغارة على أحياء سكنية.
وحول التقارير التي تفيد بالهجوم على المركز التجاري، قال المسؤول الروسي ليس هناك من أدلة، لأن القوات الروسية قامت باستهداف مستودع للأسلحة فيه أسلحة أوروبية وأميركية.
“هذه الأسلحة كانت موجودة في معمل للحديد، وكانت موجودة في كرمينشوك وكانت ستُرسل إلى دونباس للقصف على مدن دونيتسك ولوهانسك وغيرها. الضربات الروسية منعت حدوث ذلك.”
وأكد أن الغارات لم تضرب المركز التجاري كما تظهر أشرطة الفيديو، وقال: “لو كانت غارة قد ضربت المركز لما ظل قائما.” وأوضح أن مقاطع من داخل المركز تظهر أنه لم يتأثر من هذه الغارات، والبضائع بقيت على حالها، والمنازل الواقعة على مقربة من المركز التجاري لم تتأثر ولم تتصدع النوافذ ولم تنكسر.
المصدر : الامم المتحدة