جدّدت الولايات المتحدة موقفها من عودة تركيا إلى برنامج الإنتاج المشترك للمقاتلة الشبحية «إف 35» وربطها بتخليها عن منظومة الدفاع الجوي الروسية «إس 400» التي حصلت عليها في صيف عام 2019.
وعدّ السفير الأميركي لدى أنقرة، جيف فليك، أن الشراكة بين بلاده وتركيا أقوى من أي وقت مضى، وأن تركيا لا تزال «راسخة في الغرب» رغم استمرار الانقسام بينهما بشأن الحرب على غزة. وقال فليك، في مقابلة مع قناة «سي إن إن تورك» التركية، الأربعاء، إن «تأييد تركيا لتوسيع حلف شمال الأطلسي (ناتو)، في إشارة إلى مصادقتها على عضوية السويد وفنلندا، والاتفاق على بيع مقاتلات (إف 16) الأميركية لها دليل على ميلها نحو الغرب هذا العام، كما سيمهد الطريق لزخم دائم في التجارة والاستثمار». وعبّر عن أمله في ألا تنضم تركيا لدول مجموعة «بريكس»، لكنه عدّ أن حدوث ذلك لن يؤدي إلى تغير دبلوماسي كبير في علاقات تركيا ببلاده أو بالغرب.
وتوقع فليك، الذي تنتهي مهمته في أنقرة بعد أشهر في الخريف المقبل، والذي كان عضواً سابقاً بمجلس الشيوخ الأميركي عن ولاية أريزونا، أن يستمر الكونغرس، الذي تحول إلى موقف إيجابي هذا العام، في هذا التوجه بغضّ النظر عن نتيجة الانتخابات الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
«إف 16» و«إف 35»
ولفت إلى أن الكونغرس وافق في 26 يناير (كانون الثاني) الماضي على بيع مقاتلات «إف 16 بلوك 70» المتطورة لتركيا ومعدات التحديث لأسطولها القديم بعد مصادقتها على طلب انضمام السويد إلى الناتو، ووقّعت تركيا مع شركة «لوكهيد مارتن» المنتجة لها، الأسبوع الماضي، اتفاقية تسمى «خطاب العرض والقبول»، بموجبها سيتم إنتاج الطائرات الجديدة التي طلبتها تركيا (40 طائرة)، ثم تجدد تزويدها بمعدات تحديث النماذج القديمة لاحقاً.
أما عن عودة تركيا إلى البرنامج متعدد الأطراف الذي يشرف عليه الناتو لإنتاج وتطوير مقاتلات «إف 35»، فقال السفير الأميركي: «نحن نرحب بأي خطوات نحو حلّ مشكلة منظومة (إس 400) الروسية، التي تمنع تركيا حالياً من المشاركة في برنامج (إف 35) وشرائها».
وأضاف فليك: «إذا حدث تقدم، فسنرحب بالمناقشات مع تركيا لإعادة شراء طائرات (إف 35). أما مسألة الإنتاج المشترك فهي نقطة أكثر صعوبة، والقرار فيها يعود للشركاء، لكننا نأمل بالتأكيد أن يأتي ذلك اليوم الذي تعود فيه تركيا إلى القدرة على شراء هذه الطائرات مرة أخرى».
وسبق أن دفعت تركيا 1.4 مليار دولار لشراء 100 طائرة من هذا النوع، قبل أن تستبعد من برنامج إنتاجها، وتوقف أميركا عملية البيع ضمن إجراءات عقابية رداً على اقتناء المنظومة الروسية التي تشكل خطراً على أنظمة الناتو الدفاعية حال انكشافها عليها عبر تركيا.
لقاء إردوغان – أوزيل
على صعيد آخر، كشفت زيارة الرئيس رجب طيب إردوغان إلى «حزب الشعب الجمهوري» ولقاء رئيسه أوزغور أوزيل، التي كانت الأولى بعد 18 عاماً، والأولى له أيضاً رئيساً للبلاد، عن تباين في قضايا رئيسية. وبحسب ما أعلن المتحدث باسم «حزب الشعب الجمهوري»، دنيز يوجال، فإن أوزيل عرض وجهات النظر حول مشاكل البلاد، وفي مقدمتها الوضع الاقتصادي وسوء الحالة المعيشية لكثير من الشرائح، وفي المقدمة المتقاعدون، ومشاكل مزارعي الشاي والقمح ومليون معلم ينتظرون وفاء الحكومة بوعود تعيينهم، فضلاً عن تطبيق زيادة جديدة في الأجور وحل مشاكل الإيجارات لمتضرري زلزال 6 فبراير (شباط) 2023، فضلاً عن تحقيق العدالة الضريبية لإزالة الظلم الذي يتعرض له صغار الممولين.
وأضاف: «إن الحوار حول مشاكل البلاد، الذي أغلقته الحكومة لفترة طويلة، مهم جداً، وأنهى حالة الاستقطاب في البلاد، ولقد نقلنا إلى السيد الرئيس القضايا التي تهم المجتمع بأكمله».
وتابع أنه تم حل بعض القضايا، مثل العفو عن جنرالات انقلاب 28 فبراير 1997 لظروف صحية، وإن كان حلها قد تأخر، وعبّر رئيس حزبنا عن امتنانه للرئيس للاستجابة لهذا الطلب، وأكد أنه من المهم أن يتم إحالة قضية احتجاجات حديقة «غيزي بارك» إلى وزارة العدل لبحث إعادة المحاكمة.
وكشفت مصادر عن أن أهم مشكلتين لم يتم التوافق حولهما، هما مشكلة عزل رؤساء البلديات المنتخبين وتعيين أوصياء مكانهم، على غرار ما حدث في هكاري مؤخراً، وبدا أن إردوغان يرفض تغيير هذه الممارسة، بينما لم يطرأ تغيير على موقف أوزيل من الدستور الجديد الذي يرغب إردوغان في إقراره، لأنه يرى أن الحكومة لا تلتزم بأحكام الدستور، وبالتالي لا جدوى من وضع دستور جديد، فضلاً عن معارضة حزب الحركة القومية، شريك حزب العدالة والتنمية الحاكم في «تحالف الشعب» تغيير قاعدة «50 في المائة + 1» لانتخاب رئيس الجمهورية.
في الوقت ذاته، خرجت رئيسة حزب «الجيد» السابقة، ميرال أكشنار، عن صمتها الذي استمرا أسبوعاً عقب لقائها الرئيس إردوغان، بشكل مفاجئ، وظهور تكهنات حول ما طلبته خلال الاجتماع، مثل منصب نائب الرئيس لنفسها، وتعيين نجلها سفيراً في فرنسا، والإفراج عن أحد رجال الأعمال المسجونين في قضايا فساد. وأكدت أكشنار، في بيان، أنه لا صحة على الإطلاق لما تردد عما دار خلال هذا اللقاء. وطالبت بعض الصحافيين بتوخي الدقة والبحث عن المعلومات من مصادرها وتحمل مسؤولية ما يكتبون.