واجه الرئيس إيمانويل ماكرون اتهامات برهاب مغايري الهوية الجنسانية، الأربعاء، بعد انتقاده بياناً انتخابياً، بينما أصر زعيم «التجمع الوطني» اليميني المتطرف على أنه لن يشكك في التزامات فرنسا الدولية، بما في ذلك في إطار حلف شمال الأطلسي (الناتو)، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.
ومع بقاء أقل من أسبوعين على الدورة الأولى من التصويت في الانتخابات المبكرة التي دعا إليها ماكرون رداً على هزيمة حزبه أمام اليمين المتطرف في الانتخابات الأوروبية، يواجه الرئيس صعوبات في اللحاق بالركب.
فاستطلاعات الرأي تتوقع أن يحتل تحالفه الحاكم المركز الثالث في الانتخابات التشريعية المقررة في 30 يونيو (حزيران) و7 يوليو (تموز)، خلف «التجمع الوطني» والتحالف اليساري الجديد.
وهذا الأمر قد يضع زعيم «التجمع الوطني» جوردان بارديلا في وضع يسمح له بأن يصبح رئيساً للوزراء في «تعايش» محرج مع ماكرون، رغم أن الشاب البالغ 28 عاماً أعلن أنه لن يقبل بذلك إلا إذا حصل حزبه وحلفاؤه على الغالبية المطلقة في الجمعية الوطنية.
وخلال زيارته معرضاً دفاعياً في إحدى ضواحي باريس، أصر بارديلا على أنه «لا يعتزم التشكيك في التزامات فرنسا على الساحة الدولية» فيما يتعلق بالدفاع إذا تولى السلطة.
وأضاف أن فرنسا ستواصل تزويد أوكرانيا بالأسلحة في ظل حكومة يهيمن عليها «التجمع الوطني»، لكن سيتم استثناء الصواريخ بعيدة المدى والأسلحة الأخرى التي يمكن أن تصل إلى الأراضي الروسية «لتجنب خطر التصعيد».
وقال في معرض يوروساتوري لتجارة الأسلحة: «صدقيتنا تجاه شركائنا الأوروبيين وحلفائنا في حلف شمال الأطلسي على المحك»، في تصريح يخفف حدة العداء التاريخي لليمين المتطرف تجاه «الناتو».
ودائماً ما يثير المعارضون مسألة القرض الضخم الذي حصل عليه «التجمع الوطني» من مصرف روسي عام 2014 والعلاقة الدافئة الماضية بين زعيمته مارين لوبان والكرملين.
«أسوأ بأربع مرات»
وكان ظهور الجبهة الشعبية الجديدة التي تضم مجموعات يسارية من الاشتراكيين إلى الشيوعيين، تطوراً غير سار بالنسبة إلى ماكرون منذ دعا إلى انتخابات مبكرة على أمل حشد المعتدلين من مختلف الأطياف.
لكن ماكرون قال، الثلاثاء، خلال زيارة لغرب فرنسا إنه «يثق بالفرنسيين» بعدم اختيار أي من المتطرفين، سواء كانوا من اليسار أو اليمين.
من جهته، حاول بارديلا إظهار صدقية اقتصادية عبر تقديم وعود مكلفة تشمل خفض ضريبة القيمة المضافة على الطاقة والوقود.
وعاد الدين العام الفرنسي البالغ 110 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، أكثر من 3 تريليونات يورو، إلى دائرة الضوء، الأربعاء، مع قيام المفوضية الأوروبية بفتح إجراءات ضد باريس بسبب العجز المفرط في الموازنة.
وكان ماكرون قد انتقد، الثلاثاء، الجبهة الشعبية الجديدة قائلاً إنه «مع اليسار المتطرف، فإن الوضع أسوأ بأربع مرات» مما هو مع اليمين المتطرف.
وأضاف: «لم تعد هناك علمانية، سيعودون عن قانون الهجرة، وهناك أشياء هزلية مثل تغيير جنسكم في مبنى البلدية».
ويشمل برنامج الائتلاف اليساري اقتراحاً يسمح بتغيير الوضع المدني.
ورفضت المجموعات المناهضة للتمييز تعليقات ماكرون واتهمت منظمة SOS Homophobie الرئيس بأن لديه «رهاب مغايري الهوية الجنسانية».
وتساءل رئيس الحزب الاشتراكي أوليفييه فور، في حديث لإذاعة «أر تي إل»: «كيف يمكن أن يكون هذا الرجل الذي انتُخب وأُعيد انتخابه لمواجهة اليمين المتطرف يكرر في الواقع خطاب اليمين المتطرف؟».
«آفة معاداة السامية»
على صعيد آخر، أثار اغتصاب جماعي لفتاة تبلغ 12 عاماً، مصحوباً بأعمال عنف معادية للسامية، صدمة في فرنسا وأشعل حملة الانتخابات التشريعية بعدما استنكر اليمين المتطرف «وصم اليهود» من قبل «اليسار المتطرف».
ومساء الثلاثاء، تم توجيه الاتهام إلى فتيين يبلغان 13 عاماً وأُودعا السجن بتهمة الاغتصاب الجماعي والتهديد بالقتل والشتائم والعنف المعادي للسامية، ما أثار صدمة في أوساط الجالية اليهودية على خلفية تزايد الأعمال المعادية للسامية.
وبحسب النيابة العامة في نانتير (غرب العاصمة)، وجّهت إلى مشتبه به ثالث وهو قاصر أيضاً، تهمة توجيه إهانات معادية للسامية والعنف والتهديد بالقتل لكن ليس الاغتصاب.
وقال ماكرون إن «آفة معاداة السامية» تهدد المدارس الفرنسية، ودعا إلى «الحوار» حول العنصرية وكراهية اليهود في المدارس لمنع «خطاب الكراهية الذي ستكون له عواقب وخيمة في حال تسلل» إلى المدارس.
وشهدت فرنسا تصاعداً في الأعمال المعادية للسامية بعد الهجوم الذي شنته «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) على جنوب إسرائيل وبدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
من جهتها، قالت مارين لوبان، زعيمة نواب كتلة التجمع الوطني، على منصة «إكس»، إن «الهجوم المعادي للسامية واغتصاب طفلة تبلغ 12 عاماً في أو دو سين يثيران غضبنا». وانتقدت «التعرض لليهود منذ أشهر من قِبل اليسار المتطرف من خلال استغلال النزاع الإسرائيلي الفلسطيني».
وكتب المرشح الرئاسي اليساري المتشدد السابق جان – لوك ميلانشون، المؤيد للفلسطينيين والمتهم بانتظام بمعاداة السامية من جانب المعارضين بمَن فيهم ماكرون، أنه «رُوّع» بالهجوم.