تشكل مقاتلات «إف16» الأميركية؛ التي بدأ تسليمها لأوكرانيا، انتصاراً للرئيس فولوديمير زيلينسكي، إلا إنها، وفق خبراء، لن تكون كافية وحدها لسد ثغرات الدفاع الجوي في هذا البلد المحاصر من جانب الجيش الروسي.
وأعلنت الدول الأعضاء في «حلف شمال الأطلسي (ناتو)»، الأربعاء، خلال قمة لقادتها في واشنطن، أنها بدأت ترسل مقاتلات «إف16»إلى أوكرانيا من الدنمارك وهولندا. وسيجري استخدام هذه المقاتلات بسرعة.
وأكد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، خلال القمة، أن هذه الطائرات «ستحلّق في سماء أوكرانيا هذا الصيف لضمان قدرة أوكرانيا على مواصلة الدفاع عن نفسها بشكل فعّال ضد العدوان الروسي».
ورحّب الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، بهذه الخطوة، عادّاً أن المقاتلات «تقرّب السلام العادل والدائم، وتثبت أن الإرهاب يجب أن يفشل في كل مكان وفي كل الأوقات».
وفي التفاصيل، وعدت هولندا بإرسال 24 مقاتلة من طراز «إف16»، وبلجيكا 30 بحلول عام 2028، والدنمارك 19، من هذه الطائرات متعددة المهام. وستسلّم النرويج، من جهتها، 6 مقاتلات «إف16» إلى أوكرانيا، على أن تبدأ عمليات نقلها هذا العام، وفق ما أعلن رئيس الوزراء النرويجي يوناس غار ستور.
رمز قوي
وقال الخبير في «مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية»، مارك كانسيان: «من الناحية الرمزية؛ هذا مهم جداً».
وأضاف أن «هذا هو حقاً آخر أمر عدّه زيلينسكي مهماً للدفاع عن أوكرانيا»، في إشارة إلى سلسلة كاملة من الأسلحة الغربية سعى الرئيس الأوكراني جاهداً من أجل حصول بلاده عليها؛ من قاذفات صواريخ «هيمارس»، إلى بطاريات صواريخ «باتريوت»، إلى دبابات «أبرامز»، التي كانت واشنطن مترددة في إرسالها إلى أوكرانيا.
ورأى الخبير أن «هذا سيساعد دفاعهم الجوي، لكنه لن يكون الحل المعجزة»؛ لأنه «بكل بساطة، لن يكون هناك ما يكفي» منها، على حد قوله.
وفي منتصف مايو (أيار)، أعلن الرئيس الأوكراني أن بلاده بحاجة إلى ما بين 120 و130 مقاتلة من طراز «إف16» لإنهاء السيطرة الروسية على أجواء بلاده. ووعدت الدول الغربية في المجموع بإرسال أقل من 100 مقاتلة من هذا الطراز، على أن يكون تسليمها على دفعات متباعدة.
ضربات مدمرة
وحقق الجيش الروسي في الأشهر الأخيرة تقدماً ميدانياً في أوكرانيا، ملحقاً خسائر فادحة بالجنود الأوكرانيين من خلال إلقاء «قنابل» من طائرات، ويعود بعض هذه القنابل إلى الترسانة السوفياتية، وتُوجّه عن بعد إلى هدفها.
ويمكن لطائرات «إف16» تنفيذ اعتراضات متوسطة المدى ضد هذه القاذفات الروسية التي تسقط قنابلها على بعد عشرات الكيلومترات من خط المواجهة.
وأكد مارك كانسيان أنه يمكن أيضاً استخدام طائرات «إف16» لتنفيذ ضربات بعيدة المدى، على سبيل المثال استهداف الجزء الخلفي للجبهة الروسية.
«سمفونية جوية»
وعدّ الخبير في «مؤسسة راند للأبحاث»، مايكل بونرت، أن تسليم أوكرانيا طائرات «إف16» «يوضح التزاماً طويل الأمد» تجاهها؛ لأن منح هذه الطائرات المقاتلة ينطوي على إجراءات مستدامة من حيث الخدمات اللوجيستية وتدريب الطيارين.
وأشار إلى أن هذه الطائرات ستكون قادرة على المساعدة في «تعقب وإسقاط صواريخ (كروز) كتلك المستخدمة في الهجمات على كييف»، وكذلك المساعدة في الدفاع عن أجزاء من الأراضي الأوكرانية غير المحمية ببطاريات دفاع جوي.
لكن بونرت رأى أن الاستفادة من هذه الطائرات ستكون نسبية، مستخدماً تشبيهاً موسيقياً، وقال: «اليوم؛ السمفونية الجوية في أوكرانيا محدودة جداً، ولا تضم كل الآلات الموسيقية».
ورأى أنه «مع إضافة طائرات (إف16) يبدو الأمر مثل إضافة آلات نحاسية عندما تكون هناك آلات إيقاعية ووترية. لكنها مجرد آلة موسيقية» إضافية.