أعلنت الولايات المتحدة أنّها لا تزال تجري اتصالات مع كييف، لمعرفة المزيد عن «أهداف» توغّل القوات الأوكرانية داخل الأراضي الروسية في منطقة كورسك الحدودية.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيار للصحافيين، رداً على سؤال بشأن العملية العسكرية الأوكرانية التي أدّت إلى إجلاء آلاف المدنيين على جانبي الحدود: «سنتّصل بالجيش الأوكراني لمعرفة المزيد عن أهدافه». وأضافت أنّ واشنطن تدعم الإجراءات «المنطقية» التي اتخذتها أوكرانيا لوقف هجمات القوات الروسية.
لا تغيير في سياسة واشنطن
رغم ذلك، عُدّ الهجوم الأوكراني تجاوزاً لقرار الحظر الذي تفرضه إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، على استخدام الأسلحة الأميركية في ضرب العمق الروسي، على الرغم من سماحها في مايو (أيار) الماضي لكييف باستخدام تلك الأسلحة في ضرب أهداف داخل روسيا قرب منطقة خاركيف، الواقعة شمال شرقي أوكرانيا التي تتعرض لهجوم روسي.
لكنّ المتحدّث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، جون كيربي، شدّد على أنّ «شيئاً لم يتغيّر» في السياسة الأميركية الرافضة لشنّ أي ضربة أوكرانية في عمق الأراضي الروسية.
وأفاد «معهد دراسة الحرب» المستقل، ومقره الولايات المتحدة، بأن أوكرانيا حققت مكاسب ميدانية كبيرة في أول يومين من التوغل. وأضاف أن تردد المسؤولين الروس بين تأكيد صد الهجوم، أو أنه سيتم صده قريباً، والاعتراف بحجم الاختراق على طول الحدود، من المحتمل أن يعكس محاولة الموازنة بين إدانة أوكرانيا بسبب ما وصفه بوتين بـ«الاستفزاز»، والمخاطرة بغضب السكان بسبب انهيار الأمن.
قلب الطاولة
ورغم ذلك، عُدّ الهجوم منعطفاً جديداً ومفاجئاً من قبل أوكرانيا. وذكرت وسائل إعلام أميركية عدة أنه يمثل محاولة من جانب كييف لقلب الطاولة على موسكو، بعدما فاجأت روسيا أوكرانيا في مايو، عندما هاجمت قواتها عبر الحدود، المنطقة الواقعة شمال خاركيف. ويعد هذا التوغل، ثالث هجوم بري أوكراني كبير على الأراضي الروسية منذ بدء الغزو الشامل لأوكرانيا قبل أكثر من عامين. لكن يبدو أنه الأكبر، وفقاً لمحللي الاستخبارات مفتوحة المصدر الذين يدرسون الصور ومقاطع الفيديو من المنطقة الروسية التي تتعرض للهجوم، وهي مساحة ممتدة من الحقول الزراعية والغابات والبلدات الصغيرة.
ويقدر بعض المحللين أن أوكرانيا أرسلت المئات من القوات إلى روسيا. وسيكون ذلك بمثابة التزام كبير في وقت تتعرض فيه القوات الأوكرانية لضغوط شديدة على طول الخطوط الأمامية في جنوب وشرق البلاد. وقال محللون ومدونون عسكريون روس إن التقدم الأوكراني يشمل وحدات من الجيش النظامي. وسيكون ذلك بمثابة تغيير عن التوغلات السابقة، التي نفذتها مجموعات مسلحة من المنفيين الروس بدعم من الجيش الأوكراني.
تشكيك في نيّات كييف
وتشير الصور ومقاطع الفيديو المنشورة على الإنترنت، والتي تم التحقق منها من قبل محللين عسكريين مستقلين، إلى أن القوات الأوكرانية تجاوزت الدفاعات الحدودية في المنطقة، وكانت تناور على الطرق داخل روسيا. كما أسرت جنوداً روساً ودمرت موقعاً حدودياً روسياً. لكن لم يكن من الواضح ما إذا كانت القوات الأوكرانية تنوي حفر الخنادق ومحاولة الاحتفاظ بالأراضي الروسية أم الانسحاب.
وتساءل بعض المحللين العسكريين عن الأسباب التي تدفع أوكرانيا إلى الزج بجنودها ومواردها الشحيحة أصلاً، في هجوم محفوف بالأخطار، وفتح جبهة جديدة في وقت تخوض فيه معارك ضارية للاحتفاظ بمواقعها على أراضيها. وتوقع هؤلاء ألّا يؤدي هذا الهجوم إلى تغيير في ميزان القوى الحالي في ظل احتفاظ روسيا بتفوق في العديد والعتاد.