أخبارأوروبا

الكرملين «لن يتحاور» مع أوكرانيا تحت ضغط «مغامرة كورسك»

أكد الكرملين، الاثنين، أنه «لن يتحاور» مع أوكرانيا بعد هجومها على كورسك الحدودية، حاسماً بذلك جدلاً أطلقته وسائل أعلام غربية تحدثت عن ترتيبات سابقة لعقد جولة حوار للتهدئة بين الطرفين في الدوحة. وكانت موسكو نفت صحة تلك المعطيات وقالت إنها «لم ولن تخطط لعقد أي جولات حوار مع الجانب الأوكراني».

وقال مساعد الرئيس الروسي لشؤون السياسة الخارجية، يوري أوشاكوف، إن موسكو «لن تتحاور» مع أوكرانيا نظراً إلى هجومها داخل منطقة كورسك الروسية، الذي دخل أسبوعه الثاني وفاجأ موسكو.

أضاف أوشاكوف لمنصة «راشن شوت» على «تلغرام» إنه «في المرحلة الراهنة ونظراً إلى هذه المغامرة، لن نتحاور (…) سيكون من غير المناسب على الإطلاق الدخول في عملية تفاوضية».

 

جندي أوكرني على عربة عسكرية في موقع بمنطقة دونيستك السبت الماضي (أ.ف.ب)

 

وأوضح السياسي الروسي أن الحديث عن تحضيرات الانتخابات الأميركية تلقي بظلالها على احتمالات فتح قنوات اتصال أو حوار بشأن التسوية في أوكرانيا «ليس دقيقاً»، مضيفاً أن «ذلك المسار لا يؤثر على أي خطط للحوار، لكن مغامرة كورسك تؤثر بالتأكيد».

وكانت موسكو نفت، الأحد، صحة معطيات نشرتها صحيفة «واشنطن بوست» حول أن «الهجوم الأوكراني على كورسك عطّل مفاوضات سرية في الدوحة بين روسيا وكييف لمنع قصف الطرفين مواقع الطاقة»، وأكدت أنها لا تجري أي مفاوضات مع كييف.

وقالت الناطقة باسم الخارجية الروسي ماريا زاخاروفا: «لم يعطل أحد شيئاً؛ لأنه لا يوجد ما يمكن تعطيله. لم نجر، ولا نجري أي مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة مع نظام كييف حول أمن المواقع المدنية والبنية التحتية الحيوية». وأضافت أن «تهديد محطتي زابوروجيا وكورسك النوويتين لا ينبع إلا من أوكرانيا والولايات المتحدة وداعميهما».

وكانت «واشنطن بوست» نقلت عن مصدرين قولهما إن «أوكرانيا وروسيا كانتا بصدد إرسال مفاوضين إلى الدوحة هذا الشهر لبحث اتفاق يمنع الجانبين من قصف البنية التحتية للطاقة».

وشنّت القوات الأوكرانية في 6 أغسطس (آب) الحالي هجوماً مباغتاً على مقاطعة كورسك الحدودية جنوب غربي روسيا، أسفر بعد مرور نحو أسبوعين على معارك ضارية عن تمدد القوات المتوغلة على مساحة تزيد على 1150 كيلومتراً تضم زهاء 80 بلدة وقرية روسية، كما نجحت القوات الأوكرانية في فرض سيطرة شبه كاملة على مدينة سودجا لتكون أول مدينة روسية تقع تحت احتلال أجنبي منذ الحرب العالمية الثانية.

 

حافلة مدنية تمرّ بجوار دبابة أوكرانية قرب الحدود الروسية الأحد (إ.ب.أ)

 

وأكدت موسكو أنها تواصل «دحر العدو»، وأفادت، الاثنين، بأن «خسائر قوات كييف في هذه المغامرة حتى الآن بلغت نحو 3800 قتيل، وعشرات الدبابات والآليات».

لكن الجانب الأوكراني أكد أن قواته نجحت في تحصين مواقعها، وأعلن إطلاق عمل مكتب إقليمي لقواته في سودجا، كما تحدث عن خطط لإقامة منطقة عازلة داخل الأراضي الروسية، وكذلك عن احتمال فرض «حكم عسكري» في بعض المناطق التي سيطر عليها.

وقال الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، الاثنين، إن الجيش الأوكراني «يحقق أهدافه في منطقة كورسك». وزاد إن العملية تهدف إلى ممارسة «مزيد من الضغط» على روسيا من أجل تقريب السلام.

أضاف زيلينسكي: «هذا الصباح، جدّدنا (إمداد) صندوق تبادل (أسرى الحرب) لبلدنا».

وأعلنت كييف أنّ الهجوم على الأراضي الروسية يهدف إلى إجبار موسكو على التفاوض بناءً على شروط «منصفة» في وقت تواجه القوات الأوكرانية صعوبات على الجبهة الشرقية.

ورغم الكثافة النارية الروسية غير المسبوقة على مواقع إمداد القوات الأوكرانية المتوغلة، بدا أن الهجوم ما زال يسبب أضراراً بالغة لموسكو، على خلفية مواصلة القوات المتوغلة التمدد في بعض المناطق المحيطة. وأعلنت السلطات الروسية، الأحد، حالة الطوارئ في مدينة جديدة تضررت بسبب المواجهات الضارية، بعدما كانت فرضت الطوارئ في مدن حدودية عدة في وقت سابق. ووفقاً لبيان السلطات المختصة، فقد تم فرض حالة الطوارئ في بروليتارسك، جنوب غربي روسيا، حيث تسبب هجوم بمسيرات أوكرانية، الأحد، في اشتعال خزان للوقود وإصابة ما لا يقل عن 18 من عناصر الإطفاء. وبحسب مصادر، فإن هذه المنشأة تمد «المجمع الصناعي العسكري» الروسي.

 

إطلاق نار من مدرعة أوكرانية في منطقة دونيستك السبت الماضي (أ.ف.ب)

 

على صعيد متصل، حذّر أوليغ تيابكين، مدير الإدارة الأوروبية الثالثة في وزارة الخارجية الروسية، من أن موسكو ستردُّ بشكل «ملموس وملائم ومناسب»، إذا حاولت بولندا اعتراض الصواريخ الروسية فوق أوكرانيا.

وقال تيابكين، لوكالة «سبوتنيك» الروسية للأنباء، الاثنين، إنه «إذا ما استسلمت وارسو الرسمية لاندفاع المغامرة، وقررت القيام بمحاولات لاعتراض وسائل التدمير بعيدة المدى التي تستخدمها قواتنا المسلّحة بشكل قانوني، من أجل تحييد التهديدات العسكرية المنطلقة من أراضي أوكرانيا إلى روسيا، فإن الرد عليها سيكون مناسباً ومحدداً تماماً».

في الأثناء، نفت الحكومة الألمانية صحة ادعاءات بالتخطيط للحد من دعمها لأوكرانيا بسبب ضيق الميزانية.

وقال نائب المتحدث باسم الحكومة الألمانية، فولفجانج بوشنر، في برلين: «ألمانيا لا تزال ملتزمة تماماً، وتنطبق هنا كلمة المستشار بأن الدعم لأوكرانيا سيستمر طالما كان ذلك ضرورياً، وأنه لا يمكن لأحد – وخصوصاً الرئيس الروسي – أن يأمل في أن يتراجع هذا الدعم».

وأوضح بوشنر أنه من المقرر تسليم أربعة أنظمة دفاع جوي من طراز «إيريس – تي» هذا العام لأوكرانيا، بالإضافة إلى عشر دبابات «جيبارد» المضادة للطائرات، و16 مدفع «هاوتزر» ذاتية الدفع، و10 دبابات قتالية من طراز «ليوبارد»، وطائرات مقاتلة مسيّرة وآلاف عدة من الطلقات المدفعية وذخائر الدبابات.

وكان وزير المالية كريستيان ليندنر (الحزب الديمقراطي الحر) كتب في رسالة إلى وزير الدفاع بوريس بيستوريوس (الحزب الديمقراطي الاشتراكي) ووزيرة الخارجية أنالينا بيربوك (حزب الخضر) أنه لا ينبغي اتخاذ «إجراءات جديدة» إلا إذا «تم تأمين تمويل» في خطط الميزانية لهذا العام.

وترى أوساط سياسية في ألمانيا أن تقديم الدعم لأوكرانيا مستقبلاً يجب أن يكون من فوائد أصول الدولة الروسية المجمدة.

لكن المتحدث باسم الحكومة فولفغانغ بوشنر قال للصحافيين إنّ «التقارير التي تلمّح إلى أنّنا نخفّض المساعدات غير دقيقة»، مضيفاً أنّ ألمانيا «ملتزمة تماماً» في دعم أوكرانيا، «طالما كان ذلك ضرورياً».

المصدر / الشرق الأوسط

إغلاق